arablog.org

Monthly Archives: May 2015

قص شريط ورطة مسؤول

لم يكن من المعتاد ان نرى من يقص شريط افتتاح غرفة العناية المكثفة للأطفال بمستشفى محمد الامين بمدينة أمدرمان طفل و امرأة ، و لم تكن هذه المرأة إحدى المسؤولات بالدولة بل كانت إمرأة بسيطة و هي ست شاي (بائعة شاي) حيث ارتأى شباب و شابات شارع الحوادث ان تتقدم هذه البائعة التي جعلت من مقاعدها المهترئة مكان لهم/ن لإداء مهمتهم التطوعية التي كانت شبه مستحيلة.
لم تكن لهم قاعات مكيفة و لا مقاعد وثيرة بل آثروا الجلوس في الشارع يستظلون بالأشجار و يرتشفون القهوة من يدي ست الشاي عندما ينهكهم الجري و التعب لتوفير الأدوية لمن لا يستطيع دفعها من مرتادي المستشفيات، فكرة شارع الحوادث مبادرة شبابية بدأت قبل عامين و نصف تقريباً استطاعوا جمع أكثر من ملياري جنيه سوداني لإنشاء غرفة عناية مكثفة للأطفال.

مشروع غرفة العناية المكثفة للأطفال
هؤلاء الشباب/ات لم يمنعهم تقلب الأحوال الجوية من شدة الحر او هطول الأمطار، و لم تمنعهم مسؤلياتهم الأخرى كالدراسة او العمل من الإستمرار و المضي قدماً لتحقيق هدفهم و إنشاء هذه الغرفة بل لم تمنعهم إيضا من توفير الأدوية للمحتاجين/ات وهم يجمعون هذا المبلغ جنيه جنيه بأقل القليل كميزان صغير تم وضعه في الصيدليات لقياس الوزن.
و قد كان لافتًا الدور الذي لعبته مواقع التواصل الاجتماعي في جمع الاحتياجات حيث اعتمد هؤلاء الشباب/ات على مواقع التواصل الاجتماعي في التواصل مع المغتربين خارج الوطن و عرض الاحتياجات و جمع المبالغ المالية .
و قد كان لافتا للنظر ردود الأفعال المتباينة إزاء الافتتاح ما بين داعم و مآزر و فخور بما قام به هؤلاء الشباب بل و قامت معظم القنوات الفضائية على نشر القصة و تقديمها كنموذج إنساني رائع يجب الاحتذاء به، و ما بين رافض و مشكك حول الرمزية من وراء اختيار بائعة الشاي لقص شريط الافتتاح و ان لم يكونوا كثر فهي صحيفة وحيدة وجد رئيس تحريرها فرصة هجمة مرتدة لهذا العمل الذي لاقى استهجان واسع إزاء كلماته المريضة التي ينسف بها أهمية العمل التطوعي و العمل المضني الذي قام به هؤلاء الشباب/ات، و الذي لا يدعوا إلى الدهشة ان علمت ان هذه الصحيفة محسوبة على الحزب الحاكم و انها ترى في ذلك إلغاء لدور وزير الصحة و إحراج له عندما يتم استبداله ببائعة شاي لقص شريط الافتتاح.
و الحقيقية ان قص شريط اصبحت ورطة المسؤول و التي توضح جليا انهم و على الرغم من كل الشهادات التي يحملونها و الجعجعات التي نسمعها لم يستطيعوا سد فجوة انعدام الأدوية او توفير اطباء مؤهلين او رواتب جيدة لهؤلاء الاطباء او حتى البيئة المناسبة للعلاج فأغلب المستشفيات متهالكة و يقوم وزير الصحة بإغلاقها بينما مستشفيات وزير الصحة ذات الخمس نجوم لا يستطيع المواطن العادي تحمل تكلفت علاجها الباهظة.

Published: 29 May,2015 | Comments: 0

الى الواقفين على عتبات الانتظار في كيش

الانتظار اسوء من الموت انه كالطالب الذي ينتظر نتيجة الامتحان أما بالنجاح او الرسوب، و من اسوء امتحانات الحياة التي اختبرتها تجربة الانتظار في كيش و لمن لا يعلم كيش هي جزيرة ايرانية تبعد حوالي 25 دقيقة عن مدينة دبي يسافر اليها الزائرون لتجديد فيزة الدخول الى دولة الامارات العربية .

المنتظرين امام مكتب الطيران
و كيش على الرغم من جمالها فإنك لا تستطيع الاستمتاع بهذا الجمال تحت وطأة الضغط النفسي و رهاب الانتظار بالاضافة الى معاملة الايرانيين القاسية، فهناك لا رحمة ، فأنت زائر غير مرغوب فيه على الرغم من توافد مختلف الجنسيات اليها من الدول الاسيوية و الافريقية و من شتى بقاع الارض.
لقد صدمت بالواقع الانساني المتدني هناك الآلاف من المنتظرين فهناك من يقضي سويعات و آخرون شهور ما بين اليأس و الأمل تارة و الصلوات و التراتيل التي ينهل بها مختلف الأديان تضرع الى الله ان يفرج عليهم كربتهم بخبر سار وهو ارسال فيزة الدخول الى الامارات العربية نجد الجميع اتحدوا .
و من حسن حظي انني التقيت بشباب و شابات من نفس جنسيتي السوادنية و لكل منهم قصته الخاصة به، و لا عجب ان تستمع الى مئات القصص المختلفة التي قادت هؤلاء الى دخول جزيرة كيش ، الا انهم/ن حاولوا العيش على ضفاف البحر و اكتفوا بالأكل من سمك البحر بسبب ضيق اليد و كنف العيش.

غرفة الفندق
هناك قد تشاهد العاهرة التي تمشي مع السكارى حتى تأكل و قد تصادف الحكيم الذي اصبح مصدر الهام و صبر للجميع ، و اذا ما كنت محظوظ قد تصادف الواعظة التي يتم التقرب بها لله حتى تدعوا للجميع، هناك جميع الحدود مغلقة و متوازية و لا تجد مفر سوى اطاعة الاوامر في صمت او خوف من المستقبل المجهول، و قد تجد من اصبحت تنظف الفنادق بعد طول الانتظار و تراكم الديون و هناك ايضا من قرر البقاء بعد ان اتقن اللغة الفارسية وهناك من تزوج بحب حياته التي التقى بها على هذه الجزيرة فاسماها kiss kish
و على الرغم من ذلك لم يمنعنا القليل الذي لدينا من تقديم المساعدة و كسر اللوائح و الشروط التي لا تنم عن انسانية و اغاثة الملهوف ، لقد التقيت برجال و نساء في المحنة سطروا اروع الأمثلة على المروءة و الشهامة من مختلف الجنسيات بل تجاذب الحديث على صعوبته لإختلاف اللغات كسر حواجز الوقت المرير و جعلني اتناسى محنتي .
و هنا اتذكر مقولة أحلام مستغانمي : (ل تذكرة سفر هي ورقة يانصيب تشتريها ولا تدري ماذا باعك القدر .. رقم الرحلة .. رقم البوابة .. رقم مقعدك .. تاريخ سفرك .. ماهي إلا أرقام تلعب فيها المصادفة بأقدراك .. يمكن لرحلة لم تحسب لها حسابا أن تغير مجرى حياتك أو تودي بها .. أن تفتح لك الأبواب أو توصدها .. أن تعود منها غانم أو مفلسا .. عاشق أو مفارقا …)

من على البعد
اشكر الجميع بدون فرز من وسعني ذكر اسمائهم/ن و من لم يسعني ان اتقدم اليهم بالشكر لمد يد العون حيث كان اغلب من التقيت بهم على قدر من المساعدة و المسؤولية في ارشادي و مواساتي ، اتمنى و ادعو للجميع ان يوفقوا في رحلاتهم للبحث عن السعادة و العمل.
و تذكروا ان القصص لا تتشابه و اننا نحقق بإيدينا احلامنا ، فكنا و مازلنا نخاطر بالكثير من أجل أن نعيش.

Published: 15 May,2015 | Comments: 0

Plugin from the creators ofBrindes Personalizados :: More at PlulzWordpress Plugins