arablog.org

مواقع التواصل الإجتماعي بين الإسقاط والقبضة الأمنية

تشغل مواقع التواصل الإجتماعي العالم وتنشغل بها الجماهير،  مما جعل هذه المواقع محط دراسات أكاديمية لجامعات عالمية ومحلية حول طريقة تأثيرها على المستخدمين/ات سواء أكانت على دماغ الإنسان او معتقداته أو سلوكه، بالإضافة إلى الكيفية التي تعمل بها بعد ان زلزلت دول الشرق الأوسط وافريقيا، وأصبحت تحت المراقبة والتمحيص بما افرزته على المجتمعات من حيث الإيجابيات والسلبيات. والسودان إحدى الدول التي تأثرت بمواقع التواصل الإجتماعي على أصعدة عدة (التقنية والاجتماعية والسياسية….) وبالرجوع إلى تفاعلات المستخدمين/ات مع ما يتم طرحه في المواقع يمكن ان نلاحظ ان الجمهور العادي قد تحول الى جمهور سياسي / ثقافي، و نقصد بالجمهور العادي ذلك الذي كان يشعر بعدم المبالاة و المنشغل بعمله اليومي فمن خلال الإطلاع اليومي على مجريات الأحداث اصبح لزاماً عليه ان يقارن بين ما يحدث في الدول الأخرى و بين وضعه المعيشي، وهو ما دفع بإهتماماته نحو الثقافة والسياسة.

المجتمع السوداني يتنفس السياسة ولم تكن هذه الأحاديث تنقطع عن الشارع السوداني ما بين مؤيد و معارض، إلا ان ذلك انعكس على مواقع التواصل الإجتماعي وهو ما شكل تحدي حول معارك السياسة الطاحنة و اتاحة الفرصة لإن يتعرف الجمهور و يتناقل اخبار لربما كان يسمعها بعيداً عن الصور التي تشكل القصة الكاملة، حيث كانت المشكلة تكمن في ان الإعلام بجميع اشكاله يتم توجيه دفته وفق سياسات وقيود معينة، ولم تتوقف هذه القيود على الإعلام بل تعدتها الى الشائعات التي  يتم بها تسطيح عقلية المواطن السوداني أو إلهائه عما يحدث.

وقد تعاملت الحكومة بمنتهى الجدية مع مواقع التواصل الإجتماعي مستفيدة مما حدث في الدول الأخرى لذلك نجد ان الشائعات تم نقلها الى مواقع التواصل الإجتماعي، إلا ان ذلك لم يمنع تداول الأخبار التي كانت على مستوى الاحداث لحظة بلحظة، و قد استخدمت الأحزاب التي لم يكن لها فرصة المشاركة على ارض الواقع هذه المواقع في طرح سياساتها و رؤيتها و اصبح لها واجهات و منصات و منابر سواء أكانوا اشخاص او جهات ، كما اصبحت مواقع التواصل الإجتماعي طريقة لتصفية الحسابات السياسية و انعكاس للتكتلات أو المجموعات اياً كان نوعها. كسرت مواقع التواصل الإجتماعي القاعدة و تجاوزت المألوف بكشف ما كان مسكوت عنه،  إلا انه بعد فترة تم وضع مواقع التواصل الإجتماعي داخل إطار محدد شبيه بالخطوط الحمراء التي وضعتها الحكومة للإعلام، و نستطيع ان نقول ان جهاز الأمن الإلكتروني اصبح يتحكم في المحتوى الذي يتم تداوله عبر مواقع التواصل الإجتماعي بشكل مباشر او غير مباشر بأسماء وهمية و أخرى حقيقية، فالمحاولات مستمرة في اسقاط اخبار الصحافة على مواقع التواصل الإجتماعي و العكس هو الصحيح.

حيث اصبح الإعلام الحر و المواقع الإخبارية تعتمد في مصادرها على مواقع التواصل الإجتماعي دون ان يجد اي حرج في مدى مصداقية الأخبار التي يتم تداولها بإعتبار انها حرية في التعبير و آراء شخصية تعبر عن صحافة المواطن وهي بذلك تؤكد على اهمية هذا النوع من الصحافة. ويرى المحللون ان عامي 2013-2014 من أسوء الأعوام التي مرت على العالم و خصوصا منطقة الشرق الأوسط و افريقيا حيث تشير بأصابع الإتهام الى الإعلام الذي وضع المشاهدين/ات تحت ضغط الأخبار المستمر، أما مواقع التواصل الإجتماعي فهي تساهم في علمية التغيير بوتيرة اسرع، كما يرون انها  مراحل لابد للأمة ان تتجاوزها لمساهمة في عملية التحول من أنظمة ديكتاتورية إلى انظمة ديمقراطية، و مازالت الدول تعاني الى الآن من جراء هذه الأحداث القاسية، و تختلف من حيث الأضرار إلا ان حالة الصراعات الخفية اسوء من حالة الحرب “و هي حالة اللا سلم و اللا حرب “على حد قول لطفي بشناق وعلى الرغم من الدمار و الخراب الذي اصاب بلدان المنطقة.

و قد اشار الباحث رائد فوزي من المعهد العربي للبحوث و الدراسات الاستيراتيجية في تدوينات (أمة تحت الحصار) تحت عنوان السودان خارج نطاق الربيع العربي عن حقيقة ما يجري في الصحافة السودانية كاتباً “استوقفني الحديث الذي جرى بين جنبات الصحف والموقف المتخذ من الحدث السوداني، اذا جاز وصفه بذلك، حول المراجع المعتمدة في تشكيل الصورة لدى الكاتب او كتاب الاعمدة حول ما يجري بالسودان، حتى وصل بي امد الوقوف الى اهمية الاجابة على سؤال المراجع والاليات التي يتخذها صانع القرار في الركون لها لرسم وتشكيل موقفه من الاحداث الاخيرة بالسودان بخاصة، ومن الموقف من مختلف الملفات السودانية في العموم ….. وربما المؤسسة الوحيدة الذي يخيل لي بانها تقدم رؤية واضحة او شبه واضحة هي دائرة المخابرات العامة الا ان مصادرها غير متاحة لي كباحث، واجزم بانها غير متاحة ايضا لهؤلاء الكتاب رغم جعجعة الحديث حول مصدر المعلومة والحق بالوصول اليها” كما يرى انه  ” يبقى لنا تقرير ان المراجع المستقاة لتحليل الاحداث الاخيرة انما لم يخرج من اطار التحليل، عبر اسقاط ظروف الربيع العربي التي مرت بالبلدان العربية وتقرير انها لا تختلف عن ارهاصات الحالة السودانية، اي ان تثبيت حقيقة ما يجري هناك (السودان) لا يخرج عن سياق ما جرى ببلدان الربيع العربي “

ومما سبق ذكره يمكننا قياس ما يدور في مواقع التواصل الإجتماعي بما أشار اليه الباحث فقد تختلف الوسائل و لكن الإسقاطات هي نفسها،لذلك نرى الإهتمام متزايد بتداول اخبار عالمية او محلية يتم اختياره بطريقة محددة و لا نتحدث عما يدور في الحقيقة على ارض الواقع  وهو  يوضح مدى انتهاك الحقوق و الحريات على الرغم من نمو حركة التدوين و النشطاء الإلكترونيين/ات و انشطة الشباب/ات و المجموعات الشبابية إلا انها جميعها في إطار واحد و من يغرد خارج السرب يتعرض لعواقب وخيمة، اضف الى ذلك تردي خدمات الإنترنت التي تضعف بإستمرار العمل و التوجهات الفكرية و العبث بعقول و افكار النشطاء و المضايقات التي يتعرضون لها و هي مضايقات مقلقة خصوصاً فيما يتعلق بالمرأة و هو ما يعتبر تعدي على حرية الفكر و النشر عبر الإنترنت.

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

Comment (1)

  1. abedabed

    كل هذه المقومات .ز من الحكومات والرقابة وما ينتظرك .. الى المحتوى .. تترك اثرها في النفس .. تعكر المزاج .. تبعدك عن كتاب انت في احوج ما يكون لمتابعة قراءته .. ولا تسل عن الرسائل التي ترد على الخاص من هنا وهناك .. وبدون سابق اندار . والاختراقات ، والصور البذيئة والمركبة ، والتشهير ، واطفال في سن مبكرة يهمون بالتعليق على ما لا معرفة لهم به ، ويتطاولون .. الى غير ذلك من اخبار تبعث على التقزز وتستنفر الحفيظة بلا جدوى .

    في تقديري .. اضحى الضرر الواقع من الانخراط في مواقع التواصل ، اكبر بكثير من حجم الاستفادة .. فما كل من يلج لها بغرض الفائدة وتبادل المعارف والاخبار .. اما عندما يتعلق الامر بواقع مشحون اصلا ، فكم من سفيه ستتعرض لمناكفاته .. وكم من خبر كاذب يجد مساحة من الانتشار حتى تكاد تجزم بمصداقيته ..

    Reply

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Plugin from the creators ofBrindes Personalizados :: More at PlulzWordpress Plugins