arablog.org

المواقف ما بين سوء التقدير و اتخاذ القرار

و أنا أستمع الى برنامج سوء تقدير أبحرت في الذاكرة مسترجعة الاحداث التي أسأت فيها تقدير المواقف والافعال ولا تجد فيها سوى الشعور بالقهر والندم إزاء القرارات التي اتخذتها والاحكام التي اطلقتها تحاملا على اطراف دون رحمة في وقت عصيب، و لأنك في السودان في معظم الأحيان تكون في موقع المفعول به لا الفاعل فتتباين المواقف و ردود الأفعال بشكل او آخر لذلك تذكر دائما أن الاشياء التي تراها ليست كما تبدو لك، و هي تذكرني بإحدى المرات التي أساءت فيها تقدير الأمور فقد تعرفت على شخص من خلال الفيسبوك و بعد الإلحاح والإصرار الشديد على المعرفة واننا في نفس التخصص كنت وقتها على سفر الى دارفور وقد اصر والح على ان ينتظرني اخاه في مطار دارفور، وبعد النزول من الطائرة وانا في صالة المطار اتحدث الى اخوه عبر الموبايل ليقف أمامي شخص يرتدي بدلة الزي الرسمي لشرطة الشغب باسطاً كفه للسلام، كان لدي جزء من الثانية حتى استوعب الموقف واقرر ماذا سوف افعل؟ لأن في ذلك الوقت كانت دماء شهداء سبتمبر لم تبرد بعد، والجرحى والمعتقلين في الزنازين وقراري سوف يشهد على مبادئي وكلماتي التي اكتبها، إلا انني مددت يدي بالسلام وانا اشعر بإن كل ما اؤمن به يتهاوى ولم تكن تلك المرة الأولى فهي اساليب النظام الذي يتبعها في عدم اتاحة فرصة للتفكير في الموقف والمباغتة بدون وجه حق من حيث لا تعلم، فهو صراع مستمر يتم فيه التفنن في المواقف من حيث الهائك تارة و اشغالك حسب ما يتطلب الموقف و مجريات الأحداث.

على الرغم من ان مهارات الكتابة تنقل الواقع للقارئ إلا انه يبقى ردة الفعل على ارض الواقع تختلف من حيث الايقاع وزوايا الأحداث بشكل مستمر، فقد تكون ابطأ بشكل متعمد، لذلك تم الاعتماد على التعبير عبر الكتابة الذي يتسم بالوضوح و الموضوعية أكثر من الكلام مع انني اؤمن بإهمية الكلام و المناظرات و شرح وجهات النظر و لكن عندما يتحول الحوار مع من حولك بطريقة الى جدليات بيزنطية ومغالطات ليس لها معنى تصبح الكتابة هي الملاذ.

سوء تقدير

و انت تقلب دفاترك القديمة لمعرفة وجهتك و التغييرات التي طرأت عليك ، تراجع المواقف المؤلمة التي تم فيها اتخاذ قرارات خاطئة لزمت فيها الصمت وهو شيء غير مقبول ولا معقول، تجد ان الكلمات اصبحت لا معنى لها ولم يعد للكتابة جدوى باعتبار ان الماضي يقبع خلف ظهرك و كيف يمكن ان نتصالح مع الماضي دون النقاش و التحدث حول مجريات الاحداث والاسباب والمسببات التي أدت الى النتائج.

وحتى نجد الحلول لابد ان نفهم كيف يتم خداعنا والتلاعب بنا للانزواء والبعد عن ايجاد افعال موازية للاحداث التي تدور،كيف يمكن ان تكون على علم بإسم كل شهيد/ة سقطوا في احداث سبتمبر و الجرحى و لا تتحدث عن الموضوع بل يدور النقاش حول خلافات تافه لا معنى لها ، كم هو مؤلم ان تخذل أناس كانوا ينظرون اليك على انك نبراس في الفهم و المعقولية و تتصرف بمنتهى الاستخفاف و تتداول اقوال سخيفة و تلهي من حولك بالاكاذيب المبررة مسبقاً و يصبح اي حوار او نقاش و كأنك تصطدم بجدار اصم لا يسمعك او يتحدث معك.

كيف يمكن ان نتحامل على القتل الشنيع و نستفز انسانية و وجدان الثكلى بالكلمات الجارحة و تسقط المعايير بشكل مدوي، سقوط الصوت في زمن القتل ، و سقوط العدالة في زمن العبثيات و الالتواء و التواطئ.

لم نكن نشعر وبشكل متعمد اننا داخل حلقة تدور بنا و من حولنا اختلطت المسميات وتم تزييف الحقائق وزراعة الشك فبدون ذلك لا يمكن إلا ان تحول الانسان الى حيوان ناطق لا يشعر بما حوله و لا يتفاعل مع الاحداث ولك حصرية كتابة المقال بصدق فأنت الشاهد على ما جرى بعد التأكد من الخروج الآمن فكل شيء سار وفق الخطة حتى الوصول الى قرار مجلس الأمن الدولي… فأي كلام سوف يفيد بعد ذلك.

اين النقطة التي سوف تحدث الفرق بعد ان تكتشف ان الكل يكذب عليك و لا احد يقول الحقيقة و حتى من يقول الحقيقة لا تستطيع ان تصدقه،فهذه المحاولات المتعددة لشل الفكر و ايدي الكتاب و تركيعهم حسب التوجه العام للاحداث و تغييب للحقيقة فلا دليل اكثر من ذلك، لا يوجد دليل على المحاباة و الدسائس اكثر من ذلك.

المفاهيم المغلوطة الواحدة تلو الإخرى استعرت بالخيال و اصبح الوهم حقيقة و الحقيقة زائفة و لا تثق في احد ولا حتى في نفسك، وان لا تعرف اكثر مما يسمح لك ان تعرف، وتكتشف الثقة في الارقام والاسماء فهذه حقيقة واضحة وضوح الشمس، وانه تم الثأرمن مقتل الاخوان في رابعة بأحداث سبتمبر و كيفما كان هناك القتل يمكن ان يكون هنا، و اتركوا لنا مهمة لعب الادوار و خلط الاوراق و اقتباس الحِكم من الاقوال المأثورة و الشخصيات المؤثرة و سوف تقتنعون بأننا اشرف و انزه من وطأت قدماه الارض.

ابو العريف او المنظراتي هو مصطلح متداول في المجتمع السوداني يعمد الى هذا الشخص المعرفة المغلوطة او السطحية و التي قد تكون صحيحة لكنها معكوسة و الغرض منه تحوير الحوار المفيد الى مهاترات و خلافات شخصية لا تتسم بالموضوعية و طالما يمكن التحكم في محيط من حولك و الاماكن التي تذهب اليها يصبح من السهل معرفة كيفية تداول الاخبار و اطلاق الشائعات و التحكم في الاحاديث المنقولة.

و بالنظر الى اقرب التوجهات السياسية الشبيه بالاوضاع في السودان سوف تجد ان الاردن و السودان وجهان لعملة واحدة يتم فيها التعامل مع المواطن و الاحداث وفق ملفات امنية يتم فيها دراسة متأنية و بالتالي كل من الضحية و الجلاد و المجتمع و الاعلام ينظر الى حدث محدد ولكن لكل منا قراءته الخالية من الحقيقة والمعقولية ومن هنا نستقي معلومات من مصادر لربما تكون امنية فيسهل خداعك والتلاعب بك، و مع عدم اللامبالاة و التساهل إزاء القضايا الحقوقية يسهل تلفيق التهم و التلاعب بالافكار وتحديد توجهات الكتاب وابطاء دورة الحياة والعمل فمن في يده القدرة على تعلم اساليب مثل هذه حتى و ان كانوا شباب؟!

ولربما ان هذا المقال سوء تقدير !!

You are not authorized to see this part
Please, insert a valid App IDotherwise your plugin won't work.

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Plugin from the creators ofBrindes Personalizados :: More at PlulzWordpress Plugins