arablog.org

Monthly Archives: July 2014

بدون رأي

منذ الثورة التونسية التي قامت عام 2011 تمدد الأمل الى باقي الدول بإمكانية التغيير التي كانت في الماضي ضرباً من الأوهام، و مع مرور الأيام اكتشف المواطن انه أمام دوامة من الصراعات التي عصفت بالمنطقة و إزاء التطورات المتسارعة كان لابد من استخدام كافة الأدوات و الآليات التي من شأنها تدمير الانسان أولا قبل تدمير البلدان والتاريخ.

لم يكن السودان بأفضل حال عن باقي الدول، وقتها عندما أخذتنا الحماسة وانتفضنا للتغيير و لم نلتفت الى جميع الأقاويل التي كانت تثبط من عزيمتنا، اذكر منها سؤال من البديل الذي يمكن أن يحكم السودان… وأن  في كل بيت مخبر يعمل لدى جهاز الأمن.

لم أكن على قدر من الوعي بمخاطر التغيير واذا ما كنت مدركة وقتها بصعوبة التغيير الا أنني قاومت بقوة وأنكرت ما تعرضت له من اقصاء وتهميش وذل باعتبار أنها ضريبة التغيير الذي ننشده من أجل مجتمع ينعم بالعدالة الاجتماعية بعيداً عن كل أشكال الفساد.

اعتقال الرأي العام

حلمنا بأرض المليون ميل و مع كل حلم يتكسر يولد حلم جديد، و مع كل معاناة و مؤامرة للاستغلال وتشويه الحقائق وتزييف النفوس كنا نصارع ونكابد الأمرين لكتابة كلمة .. لمعرفة خبر معتقل أو إيقاظ ضمير ميت أو جعل لسان أخرس ينطق صدقا … و في خضم كل هذه الأحداث تعالت الأصوات التي تنادي بالحرية، الديمقراطية و السلام و اصطدمنا بالعقول “الطوباوية”.

كنا نقرأ لأول مرة عن حقوقنا كمواطنين/ات .. كنا لأول مرة نستهجئ كلمة رأي … كانت أحزاب المعارضة من جهة والحكومة من جهة أخرى يتلاعبون بنا ويحاولون تسييرنا وفق اللعبة أو إبعادناعن الصراعات الطاحنة بين اليمين و اليسار.

كثرت الاسماء من خلال مواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) و التي ساهمت في التقاء الأفكار والشخصيات والتي كانت سلاحا ذو حدين حيث سهل رصد ومتابعة الناشطين/ات بل وتم زرع شخصيات وهمية وهو ما تم فضحه لاحقاً . ثم انتقلوا للتشكيك في نزاهة و ضمائر من ينادون بإسقاط النظام.

لم يكن هناك شيء واضح و لكن لم يتوقف الاشخاص عن متابعة الاخبار و اهتمام الجمهور المتعطش لمعرفة الحقيقة ولم يمنع نشر الشائعات التي تخدم المتآمرين و تدفعهم الى مزيد من الدسائس والضغائن التي يتم تداولها الثائرين من مواصلة مشوارهم.

كان من الصعب ان تثق في أحد في تلك الفترة وبات من الصعب  معرفة اذا ما كان الخبر صحيحا أم لا، كانت من أصعب الاوضاع على الاطلاق.  وما بين الهجمات التي يتعرض لها الناشطون/ات باستمرار من الدولة والمجتمع، والأوضاع المزرية التي تسببت فيها الحرب الاعلامية والنفسية إضافة إلى التنصت والاتهامات بالمتاجرة بإسم النضال وتشويه متعمد ومستمر كانت الحالة لا تطاق.

أما الإعلام السوداني فقد حاول تشويه صورة الناشطات والمثقفات بكل الوسائل المتاحة من البرامج الفكاهية الى الدراما التي تصور الناشطة معزولة عن المجتمع و في حالة انفصال عن قضاياه وهو كلام عار من الصحة تماماً، و الغرض من ذلك ابعادها عن المجتمع وترسيخ صورة سلبية لها في أذهان من حولها، ولا سيما وان الاعلام في بلادنا يكرس لمفهوم تعدد الزوجات والتبعية للزوج وعدم امتلاك للمرأة القرار والاستخفاف بعقليتها .

وسط كل هذا وجدنا الطريق الشائك المربك الذي يقود للتحرر من قيود الديكتاتورية، طريق التخلص من عادة الحكم على كل ما هو ظاهر  طريق يخلص المجتمع من كل ما يتعارض مع الفكر السليم وكل ما هو سائد. طريق يحرر المواطن السوداني من عملية تحويله الى حيوان عديم الرحمة يتاجر بالدين والأخلاق.

اسلام ابوالقاسم

Published: 29 July,2014 | Comments: 3

Plugin from the creators ofBrindes Personalizados :: More at PlulzWordpress Plugins